تحليل النص اغراض القصيدة العربية 1 باك bac
لا تصالح
لا تصالح ولو توَّجوك بتاج الإمارة
كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ ..؟
وكيف تصير المليكَ ..
على أوجهِ البهجة المستعارة ؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف ؟
إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف
فالدم - الآن - صار وسامًا وشارة
لا تصالح ،
ولو توَّجوك بتاج الإمارة
إن عرشَك : سيفٌ
وسيفك : زيفٌ
إذا لم تزنْ - بذؤابته - لحظاتِ الشرف
واستطبت - الترف
من قصيدة "لا تصالح" أمل دنقل
الأسئلة:
اقرأ النص قراءة منهجية مركزا على ما يلي :
- تتبع الرؤيا التي يعرضها الشاعر في النص .
- أسباب رفض الشاعر المصالحة .
- القوة الإنجازية التي تفيدها الأساليب الإنشائية في النص .
- بين كيف ساهمت اللغة والإيقاع في تشكيل الرؤيا لدى الشاعر .
تحليل النص :
عرف الشعر العربي عدة تحولات وتغييرات في البناء والدلالة منذ العصور القديمة، ولكن حدة هذا التجديد بدأت تتبلور بوثيرة متسارعة مع العصر الحديث بظهور مدارس تتبنى التغير والتطوير والتجديدعلى مستوى المفهوم والبناء،إلى أن وصل مع الشعر الحر لآفاق في التجديد مفتوحة على المجهول لا نعرف لها نهاية ، حتى أصبح التجديد مرتبطا بالشاعر ورؤيته للشعر وبتجربته الشعرية ،ويعتبر أمل دنقل من الشعراء الذين ساهموا في بناء هذا الصرح الجديد لمفهوم الشعر ،إذ جعل من القصيدة دفقة من دفقات النشاط الفكري الإنتاجي التي تعبر عن مواقفه ورؤيا ه الإستشرافية .والنص الذي بين أيدينا تجربة من تجارب الشاعر مع الرؤيا و الإستشراف،فما هي مظاهر الرؤيا في النص وكيف تفاعلت المكونات الفنية لبلورتها وصياغتها؟.
أمل دنقل منذ بداية النص يعبر صراحة وبكل قوة عن الرؤيا التي يؤمن بها ويقتنع بآفاقها المستقبلية ،عندما يبدأ الخطاب بالنهي مع العنوان"لا تصالح" ويتكرر في السطر الأول ثم السطر الثاني عشر مما يحول النهي أمرا صارما لا يقبل التعديل ، أمر نابع من رؤيا الشاعر الجازمة بعدم جدوى المصالحة ،فمهما كان المقابل مغريا يبقى تافها أمام فضاعة العدو الماضية:
" كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم..
في كل كف ؟ "
والتي تمتد حتى في الحاضر والمستقبل:
" إن سهمًا أتاني من الخلف..
سوف يجيئك من ألف خلف"
هذه الفضاعة جعلت الشاعر متيفنا بأن مستقبل المصالحة سيكون أفضع إذا لم يُواجَه العدو بالسيف الذي يضمن البقاء والاستقرار"إن عرشَك : سيفٌ".
فأمل دنقل يطرح مبررات واقعية تجعل رفض المصالحة منطقيا ومطلوبا خاصة وأن العدو مارس همجية القتل وسفك الدماء حتى الثمالة مما يجعل المصالحة شوطا من أشواط الغدر والمخاتلة لإحكام قبضته على الخناق ،والاستمرار في غيه وبطشه ،وبذلك يؤكد الشاعر استحالة المصالحة بعد الكشف عن الوجه الحقيقي للعدو
" فالدم - الآن - صار وسامًا وشارة"
ولكي يضعنا الشاعر أمام الصورة الحقيقية للعدو والتي تبرر النهي عن المصالحة بالأساليب الإنشائية بما تفيده من قوة انجازية مستلزمة تستبعد كل المبررات التي قد يتدرع بها كل من يفكر في المصالحة ، فبعد النهي "لاتصالح" يأتي الإستفهام الذي يعدد أنواع الجرائم التي ارتكبها العدو في حق الشعب كما في السطر الثالث والرابع والسادس
" كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ ..؟
وكيف تصير المليكَ ..
على أوجهِ البهجة المستعارة ؟
كيف تنظر في يد من صافحوك..
فلا تبصر الدم."
فالإستفهام جاء ليؤكد حقيقة الرؤيا عند الشاعر والتي لا ينكرها إلا خائن .
فالشاعر جعلنا نشمئز من مصالحة العدو ،ونقتنع برؤياه التي تنهى عن المصالحة ، واللغة الشعرية لعبت دورا كبيرا في ترسيخ هذه الوظيفة التأثيرية التي يتبناها الشاعر ،فالمصالحة في النص أصبحت مشحونة بدلالة الخيانة لا يقبل بها إلا كل متواطئ مع العدو ، و"البهجة المستعارة" تحيل على النفاق والمكر و"الدم" يمثل الصلة الوثيقة التي تربطنا بضحايا العدو و"السهم"يمثل الجبن و الخساسة "الخلف"كلمة تحيل على الخيانة والغدر كما أن "السيف" رمز للكرامة والشرف يدافع عنهما بالقوة والقتال لا المصالحة المجانية .
فاللغة إذن تتدفق بدلالات إيحائية عميقة تتجاوز حدود المعجم لترتبط بالدفقة الشعورية وما تشيعه من انفعالات وتوترات دلالية ترصد معالم تجربة ورؤيا الشاعر
وجاءت البنية الإيقاعية المصاحبة للغة الشعرية لتجعلنا نتشبع برؤيا الشاعر نفسيا ووجدانيا بعد التشبع الدلالي والتأثيري لتكتمل القناعة التامة برؤيا الشاعر والتفاعل معها ، فنظام الأسطر الشعرية يجعلنا نتماهى مع دفقات الشاعر الشعورية هذا التماهي تزيد من قوته تلك الوقفات العروضية كما في السطر الأول والرابع والسادس والسابع والتاسع حيث جعل الشاعر الدلالة تتوزع بين الأسطر ،والوقفة الدلالية من خلال السطر الثاني والثالث والخامس والثامن مثلا فالأسطر هنا تنتهي دلاليا كدفقة كاملة، أما المستوى الإيقاعي الثاني الذي زاد من ترسيخ البعد الدلالي للرؤيا فهو التكرار الذي تحقق على مستوى الأسطر (السطر الأول والثاني عشر،السطر الثاني والثالث عشر)،وعلى مستوى الكلمة(كيف، الدم،سيف، خلف)، والتكرار الصوتي الذي يتماشى مع وثيرة درجة الإنفعال.
فمن خلال هذه المقاربة التحليلية يتأكد لنا أن الشعر الحديث رسم له مسارا جديدا جعله يتحول عن الشعر التقليدي من الرؤية إلى الرؤيا ،ومن الشطر إلى السطر ، ومن البحر الشعري إلى التفعيلة الإيقاعية ،فتحرر بذلك من وصاية الشعر العربي القديم.
أغراض الشعر العربي الجاهلي
أحمد زين
أولاً: الوصف
لقد أحاط الشاعر الجاهلي في أوصافه بجميع مظاهر البيئة، فوصف كل ما يخطر على باله وما يتراءى أمامه من مولدات شعورية، فحين يصف "عميرة بن جُعل" ديار الحبيبة الداثرة يبدع فيقول:
قِفارٌ مَروراةٌ يَحَارُ بهـا القطـا//
يظلّ بها السبعـان يعتركـان
يثيران من نسج التراب عليهما//
قميصيـن أسماطًا ويرتديـان
وبالشَّرف الأعلى وحوش كأنها//
على جانب الأرجاء عُوذُ هجان
فهذه الصورة الكلية الرائعة التي رسم فيها الشاعر كيف تحولت ديار نبضت بالحياة والحب وصبوة الشباب إلى ديار آوت الوحوش والسباع حتى أن الطيور تتوه فيها، وتلكم الضواري تصطرع والأتربة تتصاعد بينهما فتحيل المروج الخضراء قفارًا لا تعني إلا الموت والخراب، والخلفية الدرامية المفجعة لوحوش تشاهد الصراع وهي فوق الجبال، وقد بلغت لضخامتها مبالغ مذهلة.
ثانيًا: الغزل
وقد اختص الشاعر قصائد بعينها وأوقفها على الغزل وذكر النساء، وفي أحيان أخرى كان يجعل الغزل في مقدمة القصيدة بمثابة الموسيقى التمهيدية للأغنية، توقظ مشاعر المبدع والسامع فتلهب الأحاسيس، وتؤجج العواطف، ورغم السمة العامة للغزل وهو الغزل الصريح المكشوف الذي يسعى للغريزة أول ما يسعى، فإن المثير أن يعجب بعض الشعراء الصعاليك (الشنفرى) بحسن أدب المرأة وأخلاقها العالية فيصفونها:
لقد أعجبتني لا سقوطًا قناعهـا//
إذا ذكرت ولا بذات تلفت
كأن لها في الأرض نسيًا تقصه//
على أمها وإن تكلمك تبلَّت
تبيت بُعيد النوم تهدي غبوقهـا//
لجارتها إذا الهدية قلت
أميمة لا يخزى نثاهـا حليلهـا//
إذا ذكر النسوان عفَّت وجلت
تحل بمنجـاة من اللـوم بيتهـا//
إذا ما بيوت بالمذمة حلت
فهو يعجبه فيها حرصها على حجابها أنها لا تلتفت في مشيتها لشدة أدبها، وهي من شدة نظرها في الأرض وخجلها كأن لها شيئًا مفقودًا تبحث عنه، وإذا تحدثت إلى غريب ضاع منها الكلام وتعثر، وإذا ما أجدب الخير أهدت طعامها لجاراتها؛ ولذا فزوجها يثق فيها ويفخر حين تُذكر نساء الحي، فالبيوت إذا ذمت لنسائها ينجو بيته من اللوم لجلال أدب زوجته.
ثالثـًا: الرثاء
وعاطفة الشاعر البدوية الفطرية كانت شديدة التوهج، فإن أحب هام وصرَّح وما عرف للصبر سبيلاً، وإن حزن فبكاء ونحيب حتى يملأ الدنيا عويلاً، وكلما جفت الدموع من عينيه استحثها لتسح وتفيض.
ومضرب المثل في الرثاء صخر أخو الخنساء الذي رثته أبياتًا، وبكته أدمعًا ودماءً، تقول الخنساء:
أعيني جـودا ولا تجمـدا//
ألا تبكيان لصخر الندى؟
ألا تبكيان الجريء الجميل؟//
ألا تبكيان الفتى السيـدا؟
وهي ترجو (صخرًا) ألا يشعر بألم تجاه عينيها الذابلتين من البكاء وتلتمس لهما العذر:
ألا يا صخر إن بكَّيت عينـي//
لقد أضحكتني زمنًا طويـلاً
دَفَعْتُ بك الخطوب وأنت حي//
فمن ذا يدفع الخطب الجليلا؟
إذا قبح البكـاء علـى قتيـل//
رأيت بكاءك الحسن الجميلا
رابعًا: الفخر
كان الجاهلي إذا فخر فجر … هكذا قالوا…
فانتماء الجاهلي لعشيرته وعائلته أمر مقدس، وعوامل ذلك متعددة منها: طبيعة الحياة القاسية التي عاناها العربي مما جعله يعتصم بقوة أكبر منه ويتحد معها؛ ليتحصن من صراع الحياة البدائية المريرة، مما جعل عمرو بن كلثوم يقول بملء فيه:
وأنـا المنعمون إذا قدرنا//
وأنا المهلكون إذا أتينا
وأنـا الحاكمون بما أردنا//
وأنا النازلون بحيث شينا
وأنـا النازلـون بكل ثغـر//
يخاف النازلون به المنونا
ونشرب إن وردنا الماء صفوًا//
ويشرب غيرنا كدرًا وطينًا
ألا لا يجلهن أحد علينا//
فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ملأنا البر حتى ضاق عنا//
كذاك البحر نملؤه سفينًا
إذا بلغ الرضيع لنا فطامًا//
تخر له الجبابر ساجدينا
لنا الدنيا وما أمسى علينا//
ونبطش حين نبطش قادرينا
خامسًا: الهجاء
والهجاء المقذع عندهم يزكم الأنوف، ويعشو العيون، ولكنَّ لهم هجاء طريفًا ومنه التهديد والوعيد بقول الشعر الذي تتناقله العرب، فيتأذى منه المهجو أكثر من التهديد بالقتل، وكان الهجاء سلاحًا ماضيًا في قلوب الأعداء فهم يخافون القوافي والأوزان أكثر من الرماح والسنان.
يقول مزرد بن ضرار:
فمن أرمه منها ببيت يَلُح به//
كشامة وجه، ليس للشام غاسلُ
كذاك جزائي في الهدى وإن أقل//
فلا البحر منزوح ولا الصوت صاحل
فهو يشبه قصيدته بالشام في الوجه لا يُتخلص منه، وهذا طبعه في الهدايا، وإن الشعر عنده لا ينفد كما أن البحر لا ينفد، والصوت لا يُبح ولا ينقطع.
والأدهى من ذلك أن كان غلام لخالد الذبياني يرعى الإبل فغصبها (آل ثوب) منه فرجع يبكي إلى سيده فذهب خالد إلى مزرد بن ضرار الذبياني، فقال: إني أضمن لك إبلك أن تُرد عليك بأعيانها وأنشأ هجاءً يقول:
فإن لم تردوها فإن سماعها//
لكم أبدًا من باقيات القلائد
فيا آل ثوب إنما ظلم خالد//
كنار اللظى لا خير في ظلم خالد
فما لبث (آل ثوب) أن ردوا الإبل قائلين:
لئن هجانا مزرد لقد هجتنا العرب أبد الدهر.
سادسًا: المدح
ومن رواده زهير بن أبي سلمى وكان لا يمدح إلا بالحق، وكذا النابغة الذبياني الذي تخصص في مدح العظماء والملوك راغبًا في العطاء السخي، ومنهم "الأعشى" وكان سكيرًا مغرمًا بالنساء لا يهمه من يمدح ما دام يعطيه، وقد أنفق كل ما أعطى على خمره ونسائه.
قال زهير في مدح حصن بن حذيفة:
وأبيض فياض يداه غمامـة//
على معتفيه ما تغب فواضـله
أخي ثقة لا تتلف الخمر ماله//
ولكنه قد يهلك المال نائلــه
تراه إذا ما جئتـه متهلـلاً//
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ومن طرائف أشعارهم شكوى النساء وحدة ألسنتهن، ويبدو أنها شكوى الأدباء والمفكرين والناس دومًا، فهذا الشنفرى الأزدي يرجع لبيته، وقد مات كلبا صيد كانا يقتنصان الطعام له فقال:
وأيقـن إذا ماتا بجـوع وخيبة//
وقال له الشيطان إنك عائـل
فطوَّف في أصحابه يستثيبهـم//
فآب وقد أكدت عليه المسائـل
إلى صبية مثل المغالي وخرمل//
رواد ومن شر النساء الخرامل
فقال لها: هل من طعـام فإننـي//
أذم إليك النـاس أمـك هابـل
فقالت: نعم هذا الطوي ومـاؤه//
ومحترق من حائل الجلد قاحل
تغشى يريد النوم فضل ردائـه//
فأعيا على العين الرقاد البلابل
فالشيطان يعيره بفقره وأصحابه لا يعطونه شيئًا ، فيعود إلى صبية ضعاف وزوجة سليطة اللسان فسألها الطعام وهو يشكو الناس لها.
فأجابته بغيظ وضيق: نعم لتأكل ماء البئر أمامك وجلدًا كان حذاءً قديمًا لك.. كله هنيئًا مريئًا.. فهرب صاحبنا إلى النوم عله يحل مشاكله في الأحلام، فصعب على عينه النوم وظل مؤرقًا وحيدًا..
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء